بسم الله الرحيم العظيم
أيتان فى القرأن تدلان على فضل العلم
قول الله تعالى
يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير
وقوله عز وجل
وقل رب زدني علما
شرح هاتان الأيتان
قوله : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )
قيل في تفسيرها : يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم . ورفعة الدرجات تدل على الفضل , إذ المراد به كثرة الثواب , وبها ترتفع الدرجات , ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت , والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة . وفي صحيح مسلم عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي - وكان عامل عمر على مكة - أنه لقيه بعسفان فقال له : من استخلفت ؟ فقال : استخلفت ابن أبزى مولى لنا . فقال عمر : استخلفت مولى ؟ قال : إنه قارئ لكتاب الله , عالم بالفرائض . فقال عمر : أما إن نبيكم قد قال " إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين " . وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى ( نرفع درجات من نشاء ) قال بالعلم .
قوله : ( وقوله عز وجل : رب زدني علما )
واضح الدلالة في فضل العلم ; لأن الله تعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم , والمراد بالعلم العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر عباداته ومعاملاته , والعلم بالله وصفاته , وما يجب له من القيام بأمره , وتنزيهه عن النقائض , ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه , وقد ضرب هذا الجامع الصحيح في كل من الأنواع الثلاثة بنصيب , فرضي الله عن مصنفه , وأعاننا على ما تصدينا له من توضيحه بمنه وكرمه . فإن قيل : لم لم يورد المصنف في هذا الباب شيئا من الحديث ؟ فالجواب أنه إما أن يكون اكتفى بالآيتين الكريمتين , وإما بيض له ليلحق فيه ما يناسبه فلم يتيسر , وإما أورد فيه حديث ابن عمر الآتي بعد باب رفع العلم ويكون وضعه هناك من تصرف بعض الرواة , وفيه نظر على ما سنبينه هناك إن شاء الله تعالى . ونقل الكرماني عن بعض أهل الشام أن البخاري بوب الأبواب وترجم التراجم وكتب الأحاديث وربما بيض لبعضها ليلحقه . وعن بعض أهل العراق أنه تعمد بعد الترجمة عدم إيراد الحديث إشارة إلى أنه لم يثبت فيه شيء عنده على شرطه . قلت : والذي يظهر لي أن هذا محله حيث لا يورد فيه آية أو أثرا . أما إذا أورد آية أو أثرا فهو إشارة منه إلى ما ورد في تفسير تلك الآية , وأنه لم يثبت فيه شيء على شرطه , وما دلت عليه الآية كاف في الباب , وإلى أن الأثر الوارد في ذلك يقوى به طريق المرفوع وإن لم يصل في القوة إلى شرطه . والأحاديث في فضل العلم كثيرة , صحح مسلم منها حديث أبي هريرة رفعه " من التمس طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة " . ولم يخرجه البخاري لأنه اختلف فيه على الأعمش , والراجح أنه بينه وبين أبي صالح فيه واسطة . والله أعلم .